قصيدة لابن القيم في الحج


قصيدة لابن القيم في الحج


اما والـذي حـج المحبـون بيتـه *** ولبُّوا له عنـد المهـلَّ وأحرمـوا

وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعـــاً *** لِعِزَّةِ مـن تعنـو الوجـــوه وتُسلـمُ

يُهلُّـــون بالبـيــداء لبـيـك ربَّــــنــا *** لك الملك والحمد الذي أنـت تعلـمُ

دعــــــاهـم فلبَّـوه رضـــاً ومحـبـةً *** فلمـا دَعَــــوه كـان أقـرب منهـم

تراهم على الأنضاد شُعثاً رؤوسهم *** وغُبراً وهـم فيهـا أســـرُّ وأنعـم

وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبـة *** ولـم يُثْنهـم لـــــذَّاتـهـم والتنـعُّـم

يسيرون مــن أقطارهـا وفجاجِهـا *** رجــــالاً وركبـانـاً ولله أسلـمـوا

ولما رأتْ أبصارُهـم بيتـه الـــــذي *** قلوبُ الورى شوقـاً إليـه تضـرَّمُ

كأنهـم لـم يَنْصَبـوا قـطُّ قـبـــلــــه *** لأنّ شقاهـم قـــــد تَرَحَّـلَ عنـهـمُ

فلله كـم مــــــــن عـبـرةٍ مهـراقـةٍ *** وأخـرى علـى آثــارهـا لا تقـدمُ

وقــد شَـرقَتْ عينُ المحـبَّ بدمعِهـا *** فينظرُ من بيـن الدمـوع ويُسجـمُ

وراحـوا إلى التعريف يرجونَ رحمة *** ومغفـرةً ممـن يجــــودَ ويـكـرمُ

فلله ذاك الموقـف الأعظـم الــــذي *** كموقف يوم العرض بل ذاك أعظمُ

ويدنو بـه الجبـار جـــــلَّ جـــلالـه *** يُباهي بهـم أملاكـه فهـو أكـــرمُ

يقولُ عبـادي قــد أتونـي محبـةً *** وإنـي بهـم بــــرُّ أجـــود وأكـرمُ

فأشهدُكـم أنـي غفــرتُ ذنوبهـم *** وأعطيتهـم مـا أمَّـلـــوه وأنـعـمُ

فبُشراكُم يا أهل ذا الموقـف الـذي *** بـه يغفـرُ الله الذنـوبَ ويرحـمُ

فكم مـــن عتيـق فيـه كُمَّـل عتقُـه *** وآخـر يستسعـى وربُّـكَ أكـرم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق